اعتادت والدتي شراء ما تحتاجه من مستلزمات المنزل عن طريق إبلاغي قبل الخروج أو بإرسال رسالة علي الواتس آب، لي أو لأخي تبلغنا فيها ما تحتاجه من مستلزمات المنزل، والتي ربما كلها أو بعضها يمكنها شرائه عن طريق التواصل تليفونيا مع البائع، ما علينا لكنها اليوم وعلي غير المعتاد طلبت مني الخروج وهذا أصبح نادر الحدوث هذه الأيام.

لضيق الوقت، ولأنها بالإضافة إلي احتياجها لشراء بعض المستلزمات فهي تريد أن تعرج علي معرض بيع خيوط التريكو، ورغم أن السيارة معطله في الورشة لها عده أيام، وهذا كان غائب عن ذاكرتي، وكنت قد تنبهت متأخراً بعدما وافقت علي طلبها، فأدركت الموقف سريعا وقررنا أن لا يعطلنا شيء أو يعكر صفو مزاجنا.

والخروج بتاكسي وبالفعل بدئنا في الشروع، وذهبنا إلي معرض بيع التريكو بشارع المعبد اليهودي فبعد ما يقرب من مرور نصف الساعة قضتها والدتي في المفاضلة بين أنواع الخيوط المختلفة قامت بشراء بضع بكرات خيط قطيفة أسود أو شلات، كما يطلق عليها شاغلي التريكو، وعند الدفع اتفقنا مع البائع أنه في حاله زيادة عدد الشلات عن المطلوب يمكننا استرجاع العدد الزائد ووافق.

وهذا أيضا نادر الحدوث لأنه في المعتاد يقوم باستبدال الزائد لكنهم يرفضون الاسترجاع لكننا اصبحنا من العملاء المعرفون والمميزون لديهم، لكثره تعامل والدتي مع هذا الفرع منذ أمد بعيد، وبالفعل قد كان لنا ما أردنا فلم يتردد في الموافقة علي طلبنا  وخرجنا من المعرض.

سقط سهواً أن أوضح أن والدتي تستطيع بالمشاهدة صنع ما يسمونه ” أكتشاف طريقه الغرزة ” أي أنها تشاهد ولنفرض جاكيت تريكو لا تعلم غرزته وبالمشاهدة فقط تدركها وتستطيع صنعها، فهي لها باع طويل مع التريكو والخياطة بشكل عام ولكنها مؤخرا تعمل علي فترات متباعده فربما يزيد لديها أو ينقص وهذا يحدث مع اغلب شاغلي التريكو.

لا أطيل عليكم الحديث

خرجنا من المعرض في طريق العودة ولذلك أستقلينا تاكسي وقد كان سائق التاكسي رجل بشوش كبير السن، تبدو عليه علامات العجز وفرهده الزمن لذلك كان يقود ببطء شديد لكنه كان رجل لطيف علي كل حال مبتسما طول الطريق، وهذا نادر الحدوث من سائقي التاكسي.

وأثناء سيرنا لاحظنا معا سياره دفع رباعي سوداء متوقفه علي جانب الطريق يقف أمامها ربما صاحبها أو السايس، لم أدرك ملامحه جيداً ولكن ما أدركناه سريعا وكان ملاحظ بشكل جيد لي وللسائق كم رهيب من الخدوش العميقة علي الباب الأمامي والخلفي للسياره يقف الرجل يتحسس عمقها متأثرا ..

ونظرنا لبعضنا أنا والسائق ودار الحوار التالي .. فبدأ هو بالكلام وقال : طفل من فعل ذلك، فأجبته : ربما، فقال  مشمئزاً، أطفال تنقصهم التربية، فأجبته : وربما أطفال تأذوا وعانوا من أسلوب التربية  ويعبروا عما في نفسيتهم من خدوش، فقال: من المؤكد طفل، فهو لا يعلم كما تكلفتها أو تكلفه أصلاحها، فأجبته : لو أنه طفل أو مراهق من فعل ذلك فمن المؤكد انه يعلم، فقال: كيف!، فأجبته : عندما يتأذي الطفل بعمق يتعلم أن يؤذي بعمق.

وأول فعل يفكر فيه .. كيف ينتقم من المحيطين به  ومن ثم يخرج للمجتمع شخص هادم مدمر، فيدمر ويسبب خسائر فادحه .. فكلما كانت الخسائر مداها اكبر يشعر بالشفاء الوقتي لجروحه العميقة التي تسببت فيها ما أعتادنا لغطا علي تسميته تربيه، الطفل أو المراهق الذي يقضي سنون عمره يضرب علي اتفه الأخطاء ماذا تنتظر منه غير إتلاف ممتلكات الغير !!؟.

لو لم يعلم التكلفة الرهيبة لما أتلفه ما كان فعلها من الأساس لأنة لا يريد أن يضيع مجهوده في الإتلاف هباء، نظر إلي وصمت لأننا كنا قد وصلنا إلي حيث نريد، أعزائي القائمين علي تربيه الأخيال الجديد، عزيزتي المرأة عزيزي الرجل، وانتم تمارسون فعل التربية في أطفالكم تذكروا، زوج الغد  كان طفل الأمس هو رجل اليوم.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *