ليست كل الزلازل تهدم منازل، فهناك زلازل تُحدث تصدع داخل النفس، يحول دون إعادة ترميمها، الزمان : في أوائل التسعينات، تحديداً نهار رمضان أثناء الصيام وقبل الإفطار في عام ١٩٩٢، المكان : في أكثر ميادين المحروسة ازدحاماً، ميدان العتبة، الحدث : علي مرآي ومسمع المئات من البشر.

شاهيناز فتاه عذراء تغتصب، القضية التي اشتهرت إعلامياً في ذلك الوقت بـ “فتاه العتبة”، تبدأ الأحداث في نهار رمضان عام 1992 عندما قررت أم لثلاث فتيات أن تأخذهن برفقتها لشراء ملابس عيد الفطر من ميدان العتبة، فرغم أن محل إقامتهم بولاق الدكرور، لكنهم فضلوا الذهاب للعتبه.

فتاه العتبة بعد أن مزقوا ملابسها
فتاه العتبة بعد أن مزقوا ملابسها

فالعائلة معيشتهم بسيطه وأسعار الملابس في محال بولاق تعتبر مرتفعه عليهم، وبالفعل كان لهم ما أرادوا، وبعد انتهائهم من شراء الملابس وفي طريق العودة، تروي والده شاهيناز الموقف حسب تصريحاتها لجريده، “مصر الفتاه” التي كتبت في الموضوع في ذلك الوقت.

أن والده الضحية والفتيات الثلاثة وقفوا منتظرين الاتوبيس رقم ١٧ المتجه لبولاق الدكرور، وعلي عتبه السلالم الأمامية للأتوبيس .. أنتظر المغتصب شاهيناز، فالمشهد كما رواته والدتها أن شاهيناز كانت في أخر الصف وان الأم قدمت الفتاتان الصغيرتان حرصاً منها أن يصعدا سلالم الاتوبيس أمامها، وتقول أن شاهيناز أثناء صعودها لسلم الاتوبيس استشعرت بمن يتحرش بها من الخلف، ولكنها استطاعت الإفلات منه في محاولة منها للهرب والاتجاه إلي السلم الخلفي الاتوبيس.

الأمر الذي معه جعل الجاني يتتبعها ويستطيع الإمساك بها وشل حركتها وسحبها علي ظهرها في الشارع في قلب العتبة أكثر ميادين مصر ازدحاما، تفاجأت شاهيناز والتي كانت حينها في مطلع العشرينات من عمرها، وتعمل في مكتب للمحاماة بأن أربعه.

أثنين شباب يثبتون أرجلها، وأثنين يثبتون زراعيها، ممزقين ملابسها، مجردنها من ملابسها تماما في الجزء السفلي من جسدها، وبينما شاهيناز لا تكف عن الصراخ لطلب النجدة بدأت يد الجاني تقترب من موضع عفتها، في أثناء ذلك شعرت والده شاهيناز بغيابها وذهبت للبحث عنها وعندما وجدتها ورأتها في ذلك الوضع صرخت هي الأخري طالبه النجدة.

فض غشاء بكارة فتاة العتبة
فض غشاء بكارة فتاة العتبة

الصورة أكثر من بشعه يقشعر لها الأبدان، هرج ومرج يملأ الشارع ففي حين الفتاه تصرخ مستنجده، الناس من حولها يقومون بدور ليس أكثر من مجرد المتفرجين في قاعه السينما، وصلت ألشرطة أخيراً وبمساعده صلاح الدين حلمي أمين الشرطة والذي كان مكلف بمتابعه الحالة الأمنية آنذاك.

والذي وجد تجمهر وصريخ وصوت صاخب يملأ الشارع فما كان منه إلا إخراج سلاحه الميري وضرب طلقتين في الهواء فأنفض التجمهر من حوله، واستطاعة شاهيناز أن تمسك بإثنين من المجرمين، وقبض عليهم أمين الشرطة، وتركهم عهده بيد الناس، في محاوله منه للحاق بالإثنين الذين فروا هاربين.

في ذلك الوقت كان اللواء محمد عبد الحليم موسي رئيساً للداخليه رصد مكافأه ألف جنيه لضبط الجناه، وبينما ملابس شاهيناز كانت مليئه بالدماء، عرضت علي الطب الشرعي الذي أكد حدوث فض جزئي لغشاء بكارتها، بعد الحادث تركت شاهيناز عملها في مكتب المحاماة من خوفها لنظره الناس لها رغم أنها الضحية، ورفضت مقابله الناس وامتنعت حتي عن نزول الشارع.

في أثناء ذلك علمت الفنانة أمينه رزق بالحادث، وقتها قررت التحرك هي والفنانه ناديه لطفي لتدعيم شاهيناز نفسياً ومعنوياً، ليصلوا لمنزلها في محاوله منهم لخروجها معهم للشارع، واستطاعوا أن يصلوا بصوتها باعتبارها ضحيه وبطله استطاعت أن تصد المغتصبين والإمساك بهم مما أثر في سير القضية وتحويلها إلي قضيه رأي عام.

 فتاه العتبة زلزال ١٩٩٢
فتاه العتبة زلزال ١٩٩٢

الأمر الذي كان له تأثير واضح في تحسن نفسيه شاهيناز

تحقيقات النيابة وقتها كانت تحت أشراف 

المستشار هاني خليل المحامي العام لنيابات وسط القاهرة الكلية، وتم اتهام شخصين، جمال البدري الذي قام بشل حركه قدميها علي الأرض، وجمال أبو المجد الذي قام باغتصابها، بينما الاثنين الآخرين الذي قاموا بمساعدتهم بمسك ذراعيها  لم تستطع شاهيناز التعرف علي ملامحهم.

فتاه العتبة زلزال ١٩٩٢

المفاجأة الكبري أن بعد سنه من أجراء التحقيقات مع المتهمين الأربعة، وتداول القضية في المحاكم، حكمت المحكمة ببراءة جميع المتهمين من تهمه أغتصاب شاهيناز وهتك عرضها، ليشهد العام ١٩٩٢ زلزلان، الأول نتج عنه هزه أرضيه أصابت المباني والمنشآت الصماء، والثاني نتج عنه أنهيار اخر في الأخلاق والقيم والعدالة  لأشخاص يأخذون صفه البشر.

 فتاه العتبة زلزال ١٩٩٢
فتاه العتبة زلزال ١٩٩٢

فلو كان هناك عداله منجزه، لما وصلنا إلي ما نحن فيه الآن.

وبذلك تكون أول جريمة تحرش جماعي بطلتها شاهيناز، أول فتاه في مصر تتعرض للاغتصاب في ميدان عام في حادثه هي الأولي من نوعها، لم يتوقف الموضوع بصدور حكم المحكمة، فتحرك الرأي العام متأثرا بما حدث لشاهيناز جعل مجموعه من الكتاب والمفكرين والصحفيين يتبنوا قضيتها لتكون قضيتهم، وبدأت الأقلام تكتب متسائلين ومستنكرين.

إذا كان هؤلاء الجناه الأربعة أبرياء فمن ذا الذي قام بهتك عرض المسكينة شاهيناز ؟!!

ومازال الزلزال يشتد حدته، ففي كل يوم شاهيناز جديده،

فما أشبهه اليوم بالبارحة وفي أنتظار للغد،

لعله يكون أفضل.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *