التسامح من أسمى الصفات التي أمرنا بها الله تعالى ورسولنا الكريم، والتسامح هو التغاضي عن المقدرة والتغلب على أخطاء الآخرين وإعطائهم الأعذار والنظر إلى مزاياهم وأعمالهم الصالحة بدلاً من التركيز على عيوبهم، والحياة قصيرة وتستمر بلا توقف؛ لذلك لا داعي لحمل الكراهية والبغضاء في داخلنا، ولكن علينا أن نملأها بالحب والتسامح والأمل حتى نكون آمنين ومرتاحين للعقل، ونحو الناس لنا ويعطينا حبه، وهنا سوف نذكر لكم حديث عن التسامح وأثره على الفرد والمجتمع.

حديث عن التسامح

فالتسامح من أفضل الأخلاق، ومن أفضل الصفات، تعلو به الأرواح، والتسامح هو التساهل في الحق دون إكراه، والتسامح أيضاً في الرد على الأذى بمهارة، واللطف في التعامل مع الآخرين، وحلم الجاني والتسامح معه، والتسامح من أعظم الصفات التي حث عليها وحفظها الله في كتابه، حيث قال:

(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

فالإسلام دين التساهل والتسامح، وهو ما تحث عليه جميع قواعده وتعاليمه.

أشكال التسامح

والتسامح يتخذ أشكالاً عديدة، ولعل أعظمها النبي صلى الله عليه وسلم مغفراً لقومه، وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري، قال ابن مسعود عن حال النبي وهو يضرب من قومه، ونزل دمه على وجهه، قال:

(اللهمَّ، اغفِرْ لقومي؛ فإنهم لا يعلمون)

قد يتساءل البعض: كيف يمكنني أن أتسامح؟ التسامح هو رغبة الإنسان في السعادة وعدم الانزعاج من أي شيء، ولهذا ينسى الأفعال السيئة ويستحضر الخير فيها، كما أنه من خلال توسيع صدره والقفز على أخطاء الآخرين لإرضاء الله، ويحب أن يكون التحرر من الناس، كما أن التسامح بترويض النفس وتعويدها عليها بالدعاء، والاستعاذة من الشيطان، والمغفرة عند زيادة الغضب والانتقام، وتزداد قدرة الفرد على التسامح بقراءة الآيات التي تشجعه والتفكير فيها، وما أعده الله لمغفرة الكرم العظيم، وكذلك بالنظر إلى أحاديث الرسول، وصور التسامح التي جاءت عن السلف الصالح، وفيها ما هو يروض الروح ويقيّدها، إنه من الانتقام يدفع الشيطان إليه.

حديث عن التسامح وآثاره على الفرد والمجتمع

للتسامح آثار عظيمة على الفرد والمجتمع، فهو شجرة جيدة تؤتي ثمارها، وعندما يكون الأفراد متسامحين ظهر المجتمع قوياً ومزدهراً، خالٍ من الضغائن والأحقاد التي تخلق المشاكل؛ لأن التسامح يكسب مسامحة رضا الله، ويجعله يشعر بالراحة والسلام والطمأنينة، ويدفع الجاني لتجنب الإساءة في حياته لما رآه من صفح وعفو عند خطئه.

التسامح في الإسلام

دعت رسالة الإسلام إلى التسامح، وحثت في كثير من آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول على الصلاة والسلام، ومن مظاهر التسامح حق المسلم تجاه غير المسلم إذا لم يضر بالمسلمين، كما يعطي الإسلام للذمة الحرية ويوجه المسلمين بعدم التدخل في معتقداتهم، وأمر الإسلام المسلمين بالتخلي عن أهل الذمة في دينهم كما قال الله تعالى:

(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)

ومع ذلك فإن الإسلام أمر بخطابهم والتحدث معهم بإحسان، حيث قال الله تعالى:

(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

أطاع المسلمون وصايا الله تعالى وامتثلوا بها، وعاملوا أهل الكتاب بأفضل معاملة، كما كانوا يتعاطفون معهم ويحكمون عليهم بالعدل، وما يؤكد ذلك إباحة الله تعالى في طعامهم وتضحياتهم في سبيل المسلمون، ودليل ذلك كلام الله تعالى:

(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ)

 مظاهر التسامح التي أقرها الإسلام

ومن مظاهر التسامح التي يقرها الإسلام، الأمر بالدعوة إلى الله تعالى، بلطف وحنان ولطف، ومناقشة بلطف، وهذا هو النهج الذي اتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم معه، كما كان يسمي توحيد الله تعالى والإسلام، لا يخبر إلا دون اللجوء إلى القوة أو العناد أو الإكراه؛ حيث يقوم الإسلام على الحجة والبرهان والدليل لا إكراه في الدين، وما يدل عليه ما حدث يوم فتح مكة المكرمة عندما غفر الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل مكة. بعد أن آذوه، إلا أن الإسلام أباح أمثالها، وعقاب الجاني على ما فعله وسب غيره، كما قال الله تعالى:

(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)

ولكن الأحسن وجود التسامح بين الناس، وعفوهم عن بعضهم البعض.

حديث عن التسامح في العبادات

ومن مظاهر ذلك الوضوء لمن أراد الصلاة، إذا كان مرضا، أو مرض يمنعه من استعمال الماء، أو يؤدي إلى عدم الشفاء العاجل، كما يشرع للمسافر العابر الصحراء أو الطريق العام، ولا يمكن استخدام المياه، سواء كان السبب ضياع المياه، أو عدم القدرة على استخدامها، بسبب الصعوبات المتعلقة بالرحلة، والتيمم في الحالات السابقة يتعلق بالتطهير من الحدث الصغير، أو الحدث الكبير، حيث أن الوضوء جائز في حالة السفر أو المرض أو تعذر استعمال الماء، والدليل على ذلك أن الله تعالى يقول:

(وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا)

ومن مظاهر التسامح في العبادة، ترك الفطر في نهار رمضان إلى المسافرين، وكذلك ص بالنسبة للمريض فهناك جوانب كثيرة تدل على سهولة وتسامح الشريعة في العبادات.

حديث عن التسامح في المعاملات

وقد شرع الله تعالى للأمة الإسلامية القصاص والدية والاستغفار، ودليل ذلك قول الله تعالى:

(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)

فالتعامل بين الناس مبني على المغفرة والاستغفار، وذلك مقابل الأعمال الصالحة وراتب الله تعالى، إلا إذا كان التعامل مع الناس على أساس السيئ فيقابله سوء، ومن مظاهر التسامح التي شرعها الإسلام، في التعامل مع الناس يترتب على الطلاق قبل الدخول نصف مهر الزوجة والنصف الآخر للزوج، لكن الإسلام يرغب ويحث الزوجة على التنازل عن النصف ، كما قال الله تعالى:

(وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)

كما أن التعامل بين الناس يجب أن يكون على أساس الكياسة، حيث أن الإسلام يحرم الاستهزاء بالناس والاستخفاف بهم، كما أنه يحرم الغطرسة والتفاخر  والتعالي على الناس، كما يحث الإسلام ويريد السيطرة عليه غضب الناس ويغفر لهم، قال الله تعالى:

(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)

حديث عن التسامح مع الأديان الأخرى

وتعتمد معاملة المسلمين مع الآخرين على ضوابط كثيرة تحكمها، ومن ضوابط التعامل مع الدين الإسلامي فيما يتعلق بالعقيدة الإسلامية، وعدم قبول أي شخص ينتمي إلى الإسلام أو دولة الإسلام، وتناقص قيمته، أو التشكيك فيه، بما في ذلك الذات الإلهية، وللرسول صلى الله عليه وسلم دين الإسلام، والأحكام والأوامر التي نص عليها، وهناك ضوابط كثيرة تتعلق بالتعامل مع الشريعة الإسلامية، يخضع أهل الذمة للمعاملات المدنية المستمدة من الشريعة الإسلامية مع غيرهم من المسلمين، وينطبق الأمر نفسه على المعاملات الإجرامية في الدولة، وكلها تحكمها الأحكام الجنائية الواردة في الإسلام، وذلك لتحقيق الأمن والاستقرار في دولة الإسلام، أما الضوابط المتعلقة بالتعامل مع المسلمين فلا يجوز فتح إنكار لمن يقوم بها، فلا يمكن للتسامح والتسامح أن يؤثر على دعوة الإسلام.

أهمية التسامح للفرد والمجتمع

للتسامح فوائد كثيرة وتأثيرات كبيرة على الفرد والمجتمع، وفيما يلي بيان من بعضهم: إن العفو عن الجاني يعتبر رحمة له، مع مراعاة جانبه الإنساني، والضعف لكونه إنسانًا، وهو تحقيق لولاية الله سبحانه وتعالى، وطلب العفو والعفو، والرحمة منه، لمغفرة والمغفرة من أسباب رضاء الله تعالى، والتسامح سبب للشفقة ووصفة للصالحين. لأن الله تعالى يقول:

(وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)

والشعور بالراحة النفسية، والرضا الداخلي والسلام وشرف الذات، والغفران هو أحد أسباب كسب الشرف، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

(وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا)

كسب الرفعة والمكانة عند الله تعالى، وعند الناس.

فوائد التسامح

  1.  بذل التعاطف مع المسيء، وتقدير ضعفه الإنساني.
  2. امتثال لأوامر الله تعالى، وطلب العفوة والمغفرة منه.
  3. توثيق الروابط والعلاقات الاجتماعية بين الأشخاص التي أضعفتها الإساءة والجناية مع بعضهم البعض.
  4. ينال رضا الله تعالى، ويحقق الرحمة في القلب، فالتسامح من صفات الصالحين.
  5. الشعور بالاسترخاء والطمأنينة، بالإضافة إلى الاستقرار والطمأنينة.
  6. نشر الألفة والمحبة والمودة بين أفراد المجتمع.
  7. المتسامح يفوز بحب الله وحب الناس.
  8. تنال المجد والقوة والصلابة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

(وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ، إلَّا عِزّاً)

حديث عن صور التسامح في الإسلام

يسمى التسامح في اللغة الرقة واليسر، ويسمى في المصطلحات التي تميز الإسلام ممارسة ما لا يلزم لتفضيله، وهذا واضح في عدد من قضايا الإسلام، منها:

  • التيمم للصلاة،  إذا كان المسلم مريضاً ولا يستطيع استعمال الماء، أو مصاباً، أو سافر في طريق لا ماء فيه، سواء كان وضوءاً لحدث صغير أو كبير.
  • إفراغ المسافر في رمضان، وقصر عليه الصلاة الرباعية دون طلوع الشمس وغروبها.
  • إصدار الجمل تدريجياً واختزال بعضها بالنسخ والبعض الآخر.
  • وجب تصديق سجود النسيان لما قد يقع من نقص في الصلاة.
  • فرض الحج على المسلم مرة في حياته.

أحاديث شريفة عن التسامح

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مثَلُ المؤمنينَ في توادِّهم وتعاطفِهم وتراحُمِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ إذا اشتَكى منْهُ عضوٌ تداعى لَهُ سائرُ الأعضاءِ بالحمَّى والسَّهَرِ) [مشكلة الفقر| خلاصة حكم المحدث: صحيح].

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بُعِثتُ بالحنيفيةِ السمحةِ) [كشف اللثام| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفي هذا الحديث الشريف ربط الرسول الكريم خلق التسامح بأصل الدين الإسلامي، وجعل ذلك وصفًا ملازمًا في العديد من أحاديثه الشريفة، فرسالته عليه السلام في الحديث السابق رسالة حنفية سمحة ميّسرة، مائلة إلى الحق عن الباطل، فحياة الرسول عليه السلام بأكملها بما فيها تشريعاته وإرشاداته قائمة على السماحة واليُسر بهدف التخفيف على أمته.

  • قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (أَدَخَلَ اللهُ عزَّ وجل الجنةَ رجلًا كانَ سهلًا مشترِيًا وبائعًا وقاضِيًا ومُقْتَضِيًا) [مسند أحمد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].

  • قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبَضِ الجنَّةِ لمن ترك المِراءَ وإن كان مُحقًّا وأنا زعيمٌ ببيتٍ في وسطِ الجنَّةِ لمن ترك الكذبَ وإن كان مازحًا وأنا زعيمٌ ببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حسُن خلُقُه) [حاشية بلوغ المرام لابن باز | خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن]، وفي هذا الحديث الشريف صورة من صور التسامح وهي التسامح في الحديث والحوار، إذ حثت الشريعة الإسلامية على إبراز سمة التسامح في الحوار مع الآخرين، كما رغّبت في التنازل وتجنب الوقوع في الجدل، ولبيان فضل هذا الأمر وعظم شأنه تعهد الرسول الكريم عليه السلام ببيت في الجنة لمن تنازل وترك الجدال حتى وإن كان على حق.

  • عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (خَدَمْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ ما قالَ لِي: أُفًّا قَطُّ، وَلَا قالَ لي لِشيءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا؟ زَادَ أَبُو الرَّبِيعِ: ليسَ ممَّا يَصْنَعُهُ الخَادِمُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: وَاللَّهِ) [صحيح مسلم | خلاصة حكم المحدث : صحيح]، وفي هذا بيان لخلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومدى تسامحه مع من يخدمه.

فيجب علينا أن نتحلى بصفة التسامح لكي يصبح المجتمع متطور ومتقدم وينتشر الحب والتسامح بين كل فرد ومجتمع، وفي النهاية نتمنى أن يحظي المقال عن حديث عن التسامح في نقاط بسيطة علي إعجابكم من خلال موقع أخبار حصرية بما كُتب به من معلومات، ونتمنى أن يتم تفعيل إشعارات الموقع من أجل أن يصلكم جديد الأخبار الحصرية لحظة بلحظة وكن معنا في قلب الحدث، كما يمكن الاشتراك معنا في خدمة أخبار جوجل نيوز Google News، ويمكنكم التعليق علي المقال في حال وجود أي استفسارات وسنقوم بالرد عليكم متابعينا في أسرع وقت.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *