اهتمت المدارس الفلسفية بمختلف الأعمار بدراسة الظاهرة الأخلاقية وخاصة علم الأخلاق، ووضع تعريف لها وتفسيرها، وحاول الفلاسفة أيضًا وضع ضوابط وأسس للقيم الأخلاقية على مر القرون، وتُعرَّف الأخلاق على أنها مجموعة من القواعد والعادات السلوكية التي يتبناها المجتمع ويؤمن بها؛ لذا فهي حتما ملزمة لسلوك الأفراد وتنظم العلاقات الإنسانية مع الآخرين والمجتمع، وهذه تختلف السلوكيات من وقت لآخر ومن مجتمع لآخر.

مفهوم الأخلاق في الفلسفة

يعرف الفلاسفة علم الأخلاق على أنه دراسة معيارية للخير والشر تتعامل مع القيم المثالية وتقود الإنسان للخروج من السلوك الغريزي لإرادته؛ إذ يرفض التعريف السابق بأن الأخلاق مرتبطة بما يحدده ويفرضه الآخرون، ويعتبر أنها تخص الإنسان فقط، ومصدرها ضميره.

علاقة العلم بالأخلاق

إن الأسس التي تُبنى عليها الحياة المثالية الصحية كثيرة ومتنوعة، ولكن هذه الأسس بعضها مهم، وبعضها أكثر أهمية، ويمكن القول: العلم أساس مهم من هذه الأساسيات، ولكن الركيزة الأهم والأعلى مرتبة هي الأخلاق عرش كل المؤسسات تظهر كملكة بين جميع المبادئ الأخرى، وكلما كانت الأخلاق طبيعية وصحيحة، ترتفع الأساسيات الأخرى إلى الأعلى، والعكس صحيح، من المهم أن يثقف الإنسان نفسه، لكن هذه المعرفة لن يكون لها قيمة إذا كان يحرم المالك من العادات الجيدة والقيم النبيلة والفضيلة.

والعلم بلا أخلاق كالشجرة بلا أوراق، لا أحد ينظر إليها ولا يهتم حتى لو وصلت فروعها إلى السماء، وعندما يريد أحد أن يحدد أهم صفات طالب العلم يكون ذلك واضحًا التي تضع الأخلاق على رأس هذه الخصائص، وهذه الأخلاقيات هي التي يمكن أن توجه المعرفة على الطريق الصحيح وتمنعها من أن تكون سببًا للضرر بالمجتمعات، كم من المتعلمين استطاعوا من خلال ما تعلموه إيذاء الناس، وذلك فقط بسبب غياب الأخلاق والقيم النبيلة التي تحكم الإنسان وتمنعه ​​من القيام بأعمال تسيء إلى المجتمع محيط، مثل: استخدام العلم لصنع مواد تضر بالبيئة أو الحيوانات، أو حتى تصنع بعض المواد الكيميائية التي تقتل آلاف الأشخاص في لحظة واحدة.

ومن هنا تأتي العلاقة الوثيقة بين العلم والأخلاق، والتي يجب الانتباه إليها دائمًا لترابطهما واستمراريتهما، وكلما ازدادت الروابط بين العلم والأخلاق في روح الإنسان، كلما كان الشخص أكثر توازنًا وحكمة، و يمكن اعتباره قدوة لمن حوله، وفي المقابل، كلما زادت المعرفة الإنسانية دون وجود أخلاق فاضلة، ستكون كارثة على البشرية، ومرض متفشي في المجتمع يجب القضاء عليه.

الأخلاق من وجهة نظر الفلاسفة

  • أفلاطون: الأخلاق تتكون من تقييد رغبات الإنسان وتجاوز مطالب الجسد بالتحول إلى الروح والروح وتوجيههما للحصول على الخير والمعرفة ومكافحة الجهل.
  • أرسطو: يعتقد أن الأخلاق مرتبطة بسعادة الإنسان، وهي غاية وجوده، لذلك يعرّفها بأنها أفعال ناتجة عن العقل، من أجل الخير الأعلى؛ السعادة.
  •  كانط: في كانط كانت الأخلاق مرتبطة بالإرادة التي تنشأ من العقل الواعي للإنسان، وليس من رغبته، وكان يعتقد أن التمسك بالأخلاق والقيام بالشيء الصحيح هو واجب أخلاقي.
  • جان جاك روسو: يعرف الأخلاق على أنها مشاعر طبيعية؛ ما يجعلنا نميز بين الخير والشر، ونتجنب ما يضر بنا والآخرين، ونميل إلى إفادة أنفسنا والمجتمع، وهو ما يميزنا عن الكائنات الحيوانية الأخرى.
  • نيتشه: من رؤية نيتشه أن الأخلاق يجب أن تكون متجذرة في الإنسان نفسه، يجب على كل فرد أن يبني عالمه الأخلاقي، الذي لا يعتمد فقط على العقل، ولكنه يمثل الإنسان ككل بأوجه قصوره وعواطفه قبل حكمته.

أصل علم الأخلاق

اختلفت الآراء حول أصل القيم الأخلاقية بين الفلاسفة عبر القرون، فكان بعضهم يوازن العقل كأساس للتمييز بين الخير والشر، ونسبها آخرون إلى العادات وقيم وقوانين المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ويؤدي واجباته تجاهه، من ناحية أخرى، هناك الشريعة والدين كمعايير للحكم على أفعال الخير أو الشر، وتوجيه سلوك الفرد نحو الشيء الصحيح من خلال التزامه بالمعايير القانونية.

حديث عن الأخلاق

لا يمكن لطالب العلم أن يتفاخر بعلمه، ويظن أنه الوحيد الذي يتعلم ويجاهد، لأن هذا انحراف عن نظام الأخلاق ، ولا يمكن لطالب المعرفة أن يكون أنانيًا إذا كانت المعرفة محفوظة لنفسه ولا يريد مشاركتها مع الآخرين، لأن إخفاء العلم عن الآخرين أمر نهى عنه الرسول الكريم -صلّى الله عليه وسلم، وهناك أمثلة كثيرة على الارتباط بين العلم والأخلاق، ولهذا يجب أن تكون الأخلاق حاضرة في كل خطوة من خطوات طالب العلم. إذا كنت قادرًا على استحضار الأخلاق الفاضلة في كل تفاصيل حياتك ، فإنك ستحقق رابطًا قويًا بين العلم والأخلاق، والذي لا يمكن تفكيكه بسهولة، خاصة إذا كنت تعتنق هذه العادات وتقتنع بأهميتها في تحسين معرفتك وصقلها وتصحيحها وتوظيفها في كل ما يخدم المجتمع المحيط، وعندما يتم تحقيق ذلك، ستشعر بمتعة العطاء وسعادة الرضا عن النفس.

أهمية علم الأخلاق

عندما قال الشاعر أحمد شوقي:

العِلمُ يَبني بُيوتًا لا عِمادَ لَها والجَهلُ يَهدِمُ بَيتَ العِزِّ والكَرمِ

هدفه إظهار أهمية العلم في حياة الأمم ودوره في بناء الحضارات وتطورها، وتقدم المجتمعات وبسط بنيتها، وهو محق في ذلك، ولكن هذا التطور وتلك المكانة والمكانة التي ستحوزها المجتمعات عن علم، يجب أن يكون لها شيء آخر يضمن بقائها واستمراريتها وهو الأخلاق كما قال أحمد شوقي في مكان آخر.

وإنّما الأمَمُ الأخلاقُ مَا بَقِيت       فإن هُم ذَهبت أخلاقهُم ذَهَبوا

وهكذا فإن العلاقة الوثيقة بين العلم والأخلاق واضحة من جهة، وأهمية الأخلاق في بقاء واستمرارية الأمم والمجتمعات واضحة، والجدير بالذكر في أهمية العلم والأخلاق أنهما من الأمور التي حث عليها الدين الإسلامي،حياة الإنسان فلا مجال للمقارنة بين المتعلم وغير المتعلم، كما أنه لا يمكن المقارنة بين المتعلم صاحب الشخصية السامية والنبيلة، والمتعلم الذي لا يملك أبسط القيم الأخلاقية، لأن هناك فرقًا بين الغنى والشمعدان، لأن العلم أشبه بالذكاء سبائك الذهب، والأخلاق هي ذلك الصائغ المحترف الذي يزين السبيكة ويصقلها، ويصقلها ليبدو بطريقة رائعة تأسر قلوب جمالها وإتقانها. لقد فعلت ذلك، فهما توأمان لا ينفصلان.

في ظل العصر الحالي والتطورات التكنولوجية فيه، لا يمكن أبداً إنكار قيمة العلم وأهميته في حياة كل إنسان، حتى يتمكن من مواكبة التطورات التي تحدث في ذلك الوقت السرعة، والشيء الأكثر أهمية هو التمسك والحفاظ على الروح المعنوية لإتقان هذا العلم الذي أصبح كثيرًا في الأجيال في كل مكان، ومن مصادر قليلة موثوقة والعديد من المصادر غير الموثقة، مما يدل على أهمية العلم والأخلاق وارتباطهما بأن معظم الوزارات التي تتعامل مع التعليم في مختلف الدول العربية تسمى وزارة التربية والتعليم، وهي تقدم التربية والتعليم، وهذا يدل على أن التعليم الجيد مرتبط بالعلم، وكلاهما مهم لحياة الإنسان، والأهمية المرتبطة بالعلم والأخلاق هي أيضًا مصدر تفكير في هذا الكون وعجائبه اللانهائية وغرباءه.

العديد من الاختراعات التي ظهرت في العصر الحديث تدل على أهمية العلم وضرورته في الحياة، ومن المهم أيضًا وجود الأخلاق حتى يتمكن الإنسان من استغلال هذه الاختراعات التي قادها العلم لخدمة المجتمعات، والمساهمة في بنائها وبناء الأجيال، والقتال بأخلاقهم كل ما يهدف إلى تدمير الأجيال وإضعاف روح الدعابة لديهم وإضعاف إرادتهم وتجميد عقولهم، عندما يدرك الإنسان كل هذه الأهمية التي تقع على عاتق العلم والأخلاق، فإنه يفكر مليًا في كل خطوة يخطوها في حياته، لأن الإنسان لا يجب أن يتوقف عن التعلم، ولا يظن أنه انتهى من التعلم، وذلك لا يوجد شئ جديد تعلم، لأنه إذا كنت تعتقد ذلك فستكون قد بدأت، اتخذ خطواتك الأولى على طريق الجهل؛ فالتعلم عملية مستمرة طوال الحياة، ويجب ربطها بالأخلاق الحميدة.

المقارنة بين الأخلاق والعلم

لقد تفاخر العلم ذات مرة: أنا الأول في العالم، لا شيء من قبل ولا شيء من بعدي كل النزاعات، كل الخلافات، كل الاتفاقيات وكل المصالحات لا يمكن أن تكون إلا لخيرتي في طريقي وبالنسبة لي، ولا يمكن أن يكون بدون العلم، ولا المجتمع بدون طلاب العلوم، كم أنا سعيد وسعداء، لأنني مثل الهواء، لا استطيع العيش بدوني ولا أوجد إلا بعقول مستنيرة، استجابت الأخلاق بهدوء واتزان: إلى حواسك، يا علم، لا ننكر، من فضلك، ولا ننكر موقعك الأسمى الذي تتمتع به، إلا أن العلم وحده لا يستطيع أن يحرك المجتمعات.

العلم بلا أخلاق مثل شجرة بلا أوراق، أنا الأخلاق التي يجب أن تسكن قلب وعقل وفكر كل شخص. وأن يكون معه في كل خطوة من خطوات تعلمه، حتى تكون معرفته مفيدة،  أجاب العلم، بشكل مفاجئ: هل يحتاج من يتعلم العلوم الواسعة والمتقدمة إلى الأخلاق، ألا تعلم أنني أعالج كل الأمور في أذهان الناس بالحكمة والمنطق ووفقًا لقوانين مدروسة ومنظمة جيدًا، فهذا يكفي المتعلم يبني مجتمعه ويرفعه بمعرفته الواسعة، وكلما زاد الطالب المعرفة زادت مكانته، ويصبح قدوة لمن حوله.

ابتسمت الأخلاق وقالت للعلم: ما رأيك في عالم وصل إلى قمة العلم، يأخذ كل العلوم إلى جانب واحد، لكنه يرفض نشر العلم ولا يريد أن يعلم الآخرين، سوف يتقدم مجتمعك بمفردك وما رأيك في طالب لديه معرفة موسوعية شاملة في صناعة المواد الكيميائية والمتفجرات ويستخدم معرفته في صناعة المواد؟ إبادة الإنسانية والقضاء على أعداد كبيرة من الناس بضغطة زر، هل معرفتك مفيدة؟ الرد على العلم بالخجل والعار: لقد أقنعتني بكلماتك يا أخلاق فاضلة، وكما أن العين لا تلغي الحاجب، لا يمكن للعلم أن يتجاوز الأخلاق أو يتجاوزها، لأن كلانا مهم لحياة الإنسان وكلاهما لنا دور في الحفاظ على الإنسانية، لكننا نكمل بعضنا البعض وبتضامننا في كل روح بشرية ستنهض الأمم، وتنهض الشعوب، ويسود الأمن والسلام في جميع أنحاء العالم.

قال الأخلاق: بالعلم والأخلاق يبني الناس ممتلكاتهم الخاصة، وبالتالي يمكن القول إن الاتحاد فيها قوة والانقسام فيه ضعف، فكلما كنا أكثر اتحادًا، زاد الإنسان معنا أقوى عقله معنا أغنى، وبتكاملنا تتحقق الحرية لكل الشعوب، ويتخلص الناس من التبعية للآخر، وتبطل فكرة إخضاع القوي للضعيف والسيطرة من الغني إلى الفقير ومن المتعلم إلى الجاهل.

أجاب العلم: هذا صحيح، ومع العلم تكون الروح المعنوية عالية وصلبة بالقوة والجرأة، وستكتسب القوة لإقناع الآخرين، خاصة في عصر السرعة حيث يحتاج كل شيء إلى برهان ودليل ومنطق، وإذا كانت الأخلاق مرتبطة بالعلم، فإنها ستكون أكثر إقناعًا وتأثيرًا.

وفي النهاية نتمنى أن يحظي المقال عن علوم الأخلاق في نقاط بسيطة علي إعجابكم من خلال موقع أخبار حصرية بما كُتب به من معلومات، ونتمنى أن يتم تفعيل إشعارات الموقع من أجل أن يصلكم جديد الأخبار الحصرية لحظة بلحظة وكن معنا في قلب الحدث، كما يمكن الاشتراك معنا في خدمة أخبار جوجل نيوز Google News، ويمكنكم التعليق علي المقال في حال وجود أي استفسارات وسنقوم بالرد عليكم متابعينا في أسرع وقت.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *